إذا رأيتم المداحين فارموا في أعينهم التراب !
لقد عنونت مقالي هذا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم ” إذا رأيتم المداحين فارموا في أعينهم التراب” و هو حديث صحيح رواه مسلم تحت عنوان باب النهي عن المدح…وهذا إن دل على شيء فهو خبث المداحين، و قال وهب بن منبه: إذا سمعت الرجل يقول فيك من الخير ما ليس فيك؛ فلا تأمن أن يقول فيك من الشرّ ما ليس فيك.
و مما لاشك فيه أن ظاهرة “الطلبه” المنتشرة في بلدنا هذا إنتشار النار في الهشيم و مدح من لايستحق أصبح هو حديث الساعة فهذه الظواهر ليست إلا نوع من التملق ووسيلة يستخدمها البعض لتحقيق مصالح شخصية أو منافع ووظائف وقد ساهمت هذه الظواهر بوضع الشخص الغير مناسب في المكان غير المناسب.
أذكر أنني كنت في السنة الماضية بولاية لبراكنة وفي أحد مطاعمها جمعتني الصدفة برجل مسن اشتعل رأسه شيبا ، لفت انتباهي أنه لايقوم للسلام والتحية إلا لأصحاب السيارات الفارهة ما إن يجلس أحدهم حتى يبدأ يهجوه وهو لايعرفه أصلا وبعد ساعات بقيت لوحدي معه فسألته لماذا لايقيم وزنا إلا “للبطارين” فكانت إجابته “ياولي حد مايشكر ذ الزمن باكي والكرامه ماه شاريالك امبورايه” ومنذ تلك اللحظة أدركت أن هذا البلد جل خلقه اتخذوا “الشكر” بالحسانية وما يعرف بالمدح وسيلة للتكسب على نهج هذا العجوز ، أسأل الله العظيم أن يهدينا جميعا.
وعندما تتصفح الفيسبوك الذي أصبح يعج بالنفاق فحتما ستشاهد فيديوهات أو تديونات لأشخاص ادمنوا النفاق ومن المؤسف أن وصل بنا الانحطاط إلى أن تجد مسؤولينا يستأجرون مدونين لمدحهم أمام الناس فما أبعد هذا من قول عمر بن الخطاب الصحابي الجليل: “رحم الله امرؤ أهدى إليّ عيوبي” لايحب المدح إلا ومن به نقص.
و لمكافحة النفاق الذي يكاد أن يفتك بمجتمعنا لابد من سن قانون يجرم النفاق فهو أخ الشّرك ،فما إن تدخل إحدى الإدارات حتى تجد لكل مدير اشخاصا يمدحونه قائلين “زينه كرفتك وزينه تبسيمتك الخ..” وهذا النوع من الأشخاص العقل بريئ منه، ومع هذا يكون المدير أو المسؤول لم يقدم شيء لوطنه يستحق “المدح” استحضر هنا قول الشاعر الذي صدق في قوله :
قَدْ يعتَلَى ظهْر الجِيّاد ذُبَابُ
وَيقُود أَسرَابُ الصّـقُور غُرابُ..
وَيسُود رجّاف بِمحَفل قَومِه
وَعَليهِ مِن حُلَل النّفاقُ ثِيابُ..
وَتَرى الأسَافِل قَد تَعَالَى مَجدُهم
وَالحـُرّ يعزِل مَــا لدَيه صحَـابُ..
لَكن مَا يُدمِى الفُؤادُ مَرارَة
أَسَــدٌ وَتنْبحُ فَـوقَهُـن كـِلَابُ..
قد آن الأوان للتخلص من “المداحين” بوضع حدا لهم فمجتمعنا لديه الأدوات التي تمنع انتشار هذا الوباء الأخلاقي لكن نحتاج الى إرادة جماعية تتصدى لهم تصديا حقيقيا هؤلاء المنافقين قد نصت الشريعة الإسلامية على نبذهم وطردهم من المجالس يقول علي بن ابي طالب في النفاق والمنافقين
لا خير في ود امرئٍ متملقٍ .. حلو اللسانِ وقلبهُ يتلهبُ
يلقاك يحلف أنهُ بكَ واثقٌ..واذا توارى منك فهو العقربُ
يعطيك من طرف اللسان حلاوة..ويروغ منك كما يروغ الثعلبُ.
ومن هنا اوجه رسالة الى ذوي الجاه والمال والمناصب أن لا يركنوا المنافقين فهذا المرض فتاك و إعانة المنافقين تعتبر مساهمة في خراب هذا الوطن.
بقلم : زين العابدين سيدي عالي